إن كنت تراها -ولا تحرك ساكناً- فتلك مصيبة، وإن كنت لا تراها -والله- فالمصيبة أعظم وأعظم.. وأعظم!
أتفرّس في وجوه شباب الوطن الذين حملوا همومه قبل همومهم، أتفرس في وجوههم حينما يكون الموضوع حول مستقبلهم ومستقبل الوطن فلا أرى سوى الإحباط واليأس والخوف من المجهول!
هل من الطبيعي أن يشعر الشباب -في أي بلد- بالإحباط؟ باليأس؟ بمستقبل مظلم مجهول؟ بالضعف؟ بالانكسار؟ بالرغبة بالهروب والنفاذ بجلودهم وجلود من يحبون؟
ألهبت مشاعري وحركت أحزاني مقالة عمر الطبطبائي في جريدة الراي يوم أمس، حينما أشعرني بالخوف على مستقبل ابنته ولا يملك أن يفعل شيئاً لتغيير هذا المصير الأسود، حينما أشعرني أنه أخطأ بأن جلب إلى الدنيا طفلته قبل أن يتأكد من وجود مستقبل لها... شيء لا يطاق!
في أحد لقاءاته قال الدكتور علي الزعبي: في السابق كان الحديث والخوف يدور حول مستقبل الأجيال القادمة، أما اليوم أصبح الخوف كل الخوف على مستقبل الجيل الحالي الموجودين اليوم!
كم مرة سمعت كلمة "الهجرة من الكويت"؟ أراهنك أنك سمعتها كثيراً، بل وقد تكون رأيتها أيضاً. ما معنى أن تكون فكرة "الهجرة" مطروحة وبقوة بين أوساط الشباب؟
قال الشاعر الجهل يهدم بيوت العز والكرم، وأنا استأذنه بأن أقول: اليأس يهدم بيوت العز والكرم! الدول لا تبنى بدون أمل، فإن ضاع الأمل توقف البناء، وإن جاء اليأس سقط البناء وتهدم على رؤوس ابنائها.
الشباب هم مستقبل البلد، ولكن حينما يصبح هذا المستقبل مجهولاً مخيفاً، ويصبح الشباب -المستقبل- محبطين يائسين، فإن هذا لا شك أنه يعني انعدام وجود مستقبل من الأساس!
حينما تغرق السفينة يتقافز منها الفئران هرباً منها بعد أن قضوا عليها ونخروها، وحينما يغرق البلد يتقافز منه الكلاب هرباً بعد أن سرقوه ونهشوه!
رسالتي أوجهها إلى أبناء وطني المخلصين، تعلموا من السفينة! فالركاب إذا قضوا على الفئران أولاً نجوا ونجت سفينتهم، وإن تركوها أفسدت السفينة وغرقوا. فاقضوا على الكلاب قبل أن تنهش الوطن، قبل أن يموت الوطن، قبل أن يغرق الوطن!