أولاً، عيدكم مبارك، وتقبل الله طاعتكم، وبإذن الله ينعاد عليكم وعلى المسلمين بصحة وخير وعافية.
كنت قبل سنة كتبت عن مسلسل ساهر الليل الجزء الأول، واليوم أحب إني أكتب عن الجزء الثاني منه، فهذا المسلسل مازال يبهرني ويبهر الجميع!
فكما أننا دائماً ما ننتقد الأعمال الفاشلة والهابطة والسخيفة والسطحية، فأجد لزاماً علينا أن نمتدح وندعم ونشجع مثل هذه الأعمال الراقية الرائعة المحترمة لكي تنمو وتزدهر وتزداد.
من أين أبدأ؟ الحقيقة لا أدري... هل أبدأ من الممثلين الذين أبدعوا وأجادوا أدوارهم بشكل متقن؟ أم المخرج محمد دحام الذي اهتم بالأمور الصغيرة قبل الكبيرة وأصبحت هذه سمة بساهر الليل أنك تجد اهتمامهم يبلغ أدق أدق التفاصيل، أم ابدأ بالقصة الأكثر من رائعة؟
حسناً، القصة؛ كتبها المبدع فهد العليوة، وكانت قصة الجزء الثاني جداً مميزة عكس ما توقع البعض، اختلطت فيها الرومانسية بالكوميديا بالدراما، وبالأحداث التاريخية في تلك الفترة، وعادات وتقاليد تلك الفترة، والأهم من ذلك كله أنه بلغ نقطة لم يبلغها أبداً أي كاتب مسلسلات قبله، وهو تمثيل القضايا الكويتية!
فقد تحدثوا في الحلقة الأخيرة عن حادثة خطف الطائرة الجابرية، وعرضوا لمعاناة الأسرة الكويتية التي أحد أبناؤهم هو من ركاب الطائرة، وذكروا بالاسم الشهيدين اللذان قتلا في الطائرة عبدالله الخالدي وخالد أيوب، وعرضوا وجهة النظر الكويتية حيال هذه القضية التي لا ينساها أي كويتي، وهو أمر لم يفعله أي مسلسل قط، ولا حتى المسلسلات العربية على حد علمي، فهذا الأمر نلاحظه ونلمسه في الأفلام الأمريكية التي دائماً ما تصور قضاياها الوطنية وتدعمها، فنرا مثلاً كيف صوروا بأفلامهم عن الحرب العالمية الثانية وأبرزوا هتلر بأنه شخص مخبول يعاني من جنون العظمة، ونرا اليهود كيف صوروا مذبحة الهولوكوست وبينوا معاناتهم إزاء تلك الحادثة، فهم يستغلون الإعلام لحشد دعم وتعاطف لقضاياهم، وطرح وجهات نظرهم هم من خلال هذه الأعمال. أما الأعمال الكويتية على الرغم من انتشارها عربياً إلا أنها للأسف دائماً ما تكون سطحية بل أسطح من السطحية نفسها! فلم يتكلموا قط عن أي قضايا وطنية مهمة، ناهيك عن أنهم يسيئون دائماً بقصد أو من دون قصد للمجتمع الكويتي بأعمالهم التافهة هذه!
أما ساهر الليل فتحسب لهم هذه النقطة، قفزة رائعة للمسلسلات الكويتية بأن بلغت هذا المستوى من الوعي والفكر والترويج لوجهة النظر الكويتية في مختلف القضايا التي تطرح.
أعتقد أنني مهما تحدثت عن هذا المسلسل فلن أوفيه حقه، من شاهده يعلم ذلك تماماً، ومن لم يشاهده فأنصحه بألا يفوت هذا العمل الفني الرائع الراقي الذي احترم عقلية وذائقة وأخلاق المشاهد، فلا إسفاف، ولا سطحية، ولا سخافة، ولا تكرار... وكما أسميته في العام الماضي "تحفة".
رسالة شكر وامتنان عظيمتين أوجههما لكل من شارك بإنجاز ساهر الليل الجزء الثاني، فلقد أضفتوا للأعمال الكويتية رمزاً شامخاً لن ينسى، وأتمنى أن تستمروا على هذا المنوال، وكلنا حماس لساهر الليل الجزء الثالث بإذن الله. شكراً لكم.