جلسة اليوم حملت مفاجآت كثيرة وأسقطت العديد من الأقنعة وكشفت بوضوح خريطة التحالفات الحقيقية وليس الوهمية.
كنت توقعت أن جلسة اليوم ستكشف الكثير وقد فعلت، فكما بدا ويبدو أن أحمد الفهد لا يريد صعود المنصة لأن الاستجواب سيكشف "بلاوي"، ولكن في الجانب الآخر فإن رئيس الوزراء يريد أحمد الفهد أن يصعد... لعله يريد أن يحرقه ويكشفه ويصبح الطريق أمامه خالياً بلا منافسين!
والمعركة باتت عالمكشوف، وتوقعت أن أحمد الفهد سيضطر اليوم لاستخدام جميع أوراقه واستثماراته على مدى سنوات.
توقعت أن أحمد الفهد يملك مجموعتين من النواب، مجموعة نواب الفهد المكشوفين وهم حكوميين، ومجموعة نواب الفهد السرية وهم مع المعارضة. الغرض من المجموعة الأولى أن الجميع يعلم أنهم محسوبين على الفهد وبالتالي يضمهم للحكومة ليكون له فضل على رئيس الوزراء. أما الغرض من المجموعة الثانية فلا أحد يعلم أنهم محسوبين على الفهد حتى الرئيس نفسه، فيجعلهم في المعارضة لكي يكسبوا شعبية، ويستعملهم في الوقت الذي يحتاج إليهم.. كما حصل اليوم.
خلف دميثير ودليهي الهاجري وسعدون حماد ورولا دشتي ومبارك الخرينج، هؤلاء كلهم محسوبين على أحمد الفهد علناً، وقد صوتوا اليوم مع إحالة الاستجواب للتشريعية من أجل تمكين الفهد من الهروب. بينما سالم نملان وشعيب المويزري وخالد السلطان ومحمد هايف فهم محسوبين من نواب المعارضة، ومع ذلك صوتوا اليوم مع الإحالة من أجل سواد عيون بوفهد.
في المعسكر الآخر، نواب حكوميين حتى النخاع صوتوا ضد الإحالة من أجل "توهيق" أحمد الفهد وصعوده المنصة، وهم خالد العدوة، عسكر العنزي، سعد زنيفر، سعد الخنفور، روضان الروضان، غانم اللميع، محمد الحويلة، مخلد العازمي، على العمير، وامتناع حسين الحريتي الذي يحسب غير موافق للإحالة.
التأمل للحظات في هذه الأسماء يكشف كل شيء، المجموعة الأولى هي مجموعة نواب أحمد الفهد التي قسّمها ما بين الحكومة والمعارضة، والمجموعة الثانية هي مجموعة الرئيس التي كانت دوماً مع الحكومة. وحينما اشتد الخلاف بين الرئيس وبين أحمد الفهد اضطر كل منهم إلى استخدام مجموعته من أجل تحقيق هدفه هو وليس هدف الحكومة، فهدف أحمد الفهد الهروب، وهدف الرئيس هو حرق أحمد الفهد وتصعيده المنصة "بالغصب".
الغريب في الأمر هم النواب الذين كانوا محسوبين على المعارضة، فقد انكشفوا بين ليلة وضحاها أنهم من نواب أحمد الفهد. وأنا هنا على فكرة لا أطعن بالذمم، فحينما أقول أنهم محسوبين على أحمد الفهد فليس بالضرورة أنهم قبضوا منه شيئاَ، بل قد يكون تحالفوا معه رغبة في إقصاء ناصر المحمد ودعم أحمد الفهد رئيساً للوزراء بدلاً منه، وخصوصاً الإسلاميين منهم فقد يكون أحمد الفهد استغل حب ناصر المحمد "المشبوه" لإيران في أن يقنعهم بالوقوف معه لصد المد الفارسي!
وطبعاً، أعضاء الحكومة بما فيهم الرئيس صوتوا مع أحمد الفهد موافقين للإحالة، فهم أمام الناس متضامنين لأنهم أعضاء الحكومة ولا يمكن أن يصوتوا ضد بعض خصوصاً وأن سمو الأمير قد أمرهم بالعمل متضامنين كفريق واحد حينما أدوا اليمين الدستورية.
باختصار شديد، جلسة اليوم كشفت خريطة التحالفات الحقيقية، التحالفات التي فوق الطاولة والتي تحتها، وعرّت الجميع. هذه الجلسة ستكون نقطة تحول كبيرة في المشهد السياسي الكويتي. وأعتقد أن سقوط ناصر المحمد بات قاب قوسين أو أدنى ... فأحمد الفهد يسبقه دائماً بخطوة كما رأينا اليوم.