Pages

@LeKoweit لكل من يود التعليق أو المناقشة حول المقال يسعدني ذلك عبر حسابي على التويتر

Sunday, October 07, 2012

الصوت الواحد والخطأ الاجرائي!

بعد حل مجلس ٢٠٠٩ -للمرة الثانية!- بدأ الحديث عن مرسوم ضرورة بتعديل أصوات الناخب من أربعة أصوات إلى صوت واحد فقط، وإن كان هذا الموضوع مطروح منذ حكم الدستورية إلا أنه زاد بشكل كبير اليوم.

في البداية كنت أعتقد أن الحكومة ونوابها وكتابها هم فقط من يدعو للصوت الواحد، ولكني فوجئت حين وجدت عدد ليس بالقليل من المواطنين يطالب بالصوت الواحد اعتقاداً منهم أنه الأفضل، لذا سأحاول هنا تبسيط فكرة عدم صلاحية الصوت الواحد.

سوف أتكلم من نقطتين مختلفتين.

النقطة الأولى، أن البرلمان، أي برلمان في العالم يقوم على فكرة وجود كتل كبيرة داخله، فلو كان عدد الأعضاء ١٠٠ عضو مثلاً، فالطبيعي أن ينقسمون هؤلاء المئة لأربع أو خمس كتل فقط متباينة في حجمها، أما أن يكون هناك خمسين كتلة فهذا أمر شاذ وغريب ويستحيل العمل معه!

لماذا الكتل؟ لأن العمل البرلماني عمل جماعي وليس فردي، وهذه أساساً فكرة البرلمان، فإن كان كل عضو بحد ذاته سيمثل كتلة فإن كل عضو سيمثل رأياً منفرداً وسيتخذ قرارا منفرداً ويعمل منفرداً، وهذا أمر يستحيل تماماً إذا ما حسبناه بعمر البرلمان وهو أربع سنوات فقط.

وعندما أتكلم عن كتلة لا أقصد كتلة من ٥ أو ٦ أعضاء ككتلة الشعبي أو الوطني، ولكني أقصد كتلة تتكون من العشرات ككتلة الأغلبية في مجلس ٢٠١٢ مثلاً، لذا فإن عدم وجود كتلة أو كتل داخل البرلمان سيجعل الحكومة هي الكتلة الوحيدة حيث أنها تتكون من ١٦ عضو، وبالتالي ستسيطر الحكومة على البرلمان لأنها الكتلة الوحيدة أو الكتلة الأكبر الموجودة، وهذا أمر يهدم أساس فكرة البرلمان الذي يمثل إرادة الشعب لا إرادة السلطة!

أما النقطة الثانية، فإن لم تقتنع عزيزي القارئ بما ذكرته أعلاه فـ"قطه بحر" وانتبه لما سأقوله، إن إصدار مرسوم ضرورة بتعديل قانون الانتخابات سيفتح الباب على الطعن بدستورية هذا القانون وبالتالي دستورية وجود المجلس المنبثق عن هذا القانون!

كيف ذلك؟ إن فكرة مراسيم الضرورة تقوم على وجود أمر ضروري لا يحتمل التأخير يستدعي الأمير أن يتدخل ليصدر مرسوم قانون يعالج هذا الأمر أثناء غياب مجلس الأمة صاحب الحق في التشريع. لذا فإن قانون الانتخابات -الخمس دوائر بأربع أصوات- كان هناك حديث عن عدم دستوريته وبالتالي إصدار مرسوم ضرورة لعلاجه، ولكن بعدم حكم الدستورية انتفت هذه الضرورة لأن المحكمة قررت ضمناً أن القانون دستوري، وبالتالي إصدار مرسوم ضرورة في غير وجود ضرورة يعتبر مخالفة للدستور مما قد يؤدي لإبطال هذا المرسوم وبالتالي إبطال المجلس المنتخب عن طريق هذا المرسوم. وكل الحديث من المؤيدين لمرسوم الضرورة أن هذا المرسوم سيكون تحت نظر المجلس القادم فلا خوف في ذلك هو حديث لا محل له من الصحة، حيث أن الخوف ليس من المرسوم نفسه، ولكن الخوف من استغلال هذا المرسوم كحجة -أخرى- لإبطال المجلس القادم.

فإذا كانت المحكمة الدستورية أبطلت مجلس كامل فقط لمجرد خطأ إجرائي بسيط، فهل تعتقد أنها لن تبطل مجلس آخر لأنه أتى عن طريق قانون باطل؟