الدستور في المدارس... ولا تقربوا الصلاة

اطّلعت على كتاب مقرر "الدستور وحقوق الإنسان" التي تدرّس للصف الثاني عشر بدءاً من هذا العام فقط، فكما قرأت هذا الخبر في جريدة الراي أن مادة الدستور التي كانت تدرس للصف العاشر والحادي عشر تم إلغاؤها واستبدالها بهذه المادة للصف الثاني عشر.

والحقيقة أنني لم أطّلع على تلك التي كانت تدرس للصف العاشر والحادي عشر، ولكني اطلعت على هذه الجديدة فقط.

وبما أنني لم ألحق على تدريس الدستور في المدارس، فتذكرت وأنا ممسك بالكتاب المدرسي بين يدي وقبل أن أفتحه، تذكرت ما قاله الدكتور أحمد البغدادي رحمة الله عليه عندما استضافه تركي الدخيل في برنامجه إضاءات، فقال أن الدول التي تدرس دستورها في المدارس هي دور متطورة ومتحضرة، لأن تدريس الدستور سيخرج جيلاً كاملاً يعي ويعرف حقوقه التي كفلها له الدستور، وهذا ما لا تحبه الدول المتخلفة.

وتصفحت الكتاب وتلك الكلمات التي قالها المرحوم أمام عيني، فما لبثت أن تلاشت بعد أن استوعبت أن تدريس هذا المقرر لم يكن إلا ذراً للرماد في العيون، فليس بها أي من تلك الأهداف المنشودة.

فقد انقسم الكتاب إلى قسمين، قسم للدستور الكويتي، وقسم لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة وغيرها، وهذا القسم الأخير لا يهمنا كثيراً. أما قسم الدستور فلم يكن به إلا ثلاث فصول، فصل للشورى والديمقراطية -ويكررون هنا الخلط بين الشورى الإسلامية والديمقراطية-، وفصل للتطور التاريخي للنظام الديمقراطي للكويت، والفصل الأخير للسلطات الثلاث.

فليس هناك فصل يتعلق بحقوق وواجبات المواطن الكويتي في الدستور الكويتي، بل إن الفصل الثاني من الكتاب تحدث في صفحة واحدة عن أهم المبادئ التي جاء بها الدستور الكويتي، واستبشرت خيراً هنا فلعلّي أجد ضالتي، ولكن تلك المبادئ لم تكن إلا: الكويت جزء من الأمة العربية - الكويت دولة إسلامية - الكويت إمارة وراثية - نظام الحكم ديمقراطي يقوم على السلطات.

وهكذا تبيّن لي بعد أن تصفحت كتاب مقرر "الدستور وحقوق الإنسان" للصف الثاني عشر، أنهم التقطوا من الدستور ما يريدونه هم فقط، وتركوا الأجزاء المهمة التي يزعجهم وجودها أساساً بين دفتي الدستور.

وقد أبدعوا الحقيقة هنا في تطبيق مبدأ ولا تقربوا الصلاة... فأخذوا جزء وتركوا الباقي... الأهم.