كنت خلال الأيام الماضية منكباً على قراءة كتاب من أجمل وأروع الكتب التي قرأتها، بعد أن نصحتني به إحدى الأخوات في تويتر، والذي سأفرد اليوم هذا البوست في الحديث عنه، وعن الكتاب الآخر الذي كتب للرد عليه. فإلى الكتاب.
الحرية أو الطوفان - لـ د. حاكم العبيسان المطيري، صفحاته 364
يناقش الكتاب فقه السياسة الشرعية أو الأحكام السلطانية، ويبين الكاتب كيف تبدّل وتغيّر هذا الفقه إلى أن أصبح اليوم شيئاً آخر ليس من الدين في شيء.
فيقسّم الكاتب مراحل الخطاب السياسي الشرعي إلى 3 مراحل، مرحلة الشرع المنزل (وهي مرحلة الخلفاء الراشدين)، مرحلة الشرع المؤول (وهي تبدأ بالدولة الأموية وتنتهي بسقوط الخلافة العثمانية)، مرحلة الشرع المبدل (وهي منذ سقوط الخلافة العثمانية حتى يومنا هذا).
ويطرح الكاتب في مقدمة كتابه اسئلة لعل من الغريب أن تطرح بهذا الشكل المباشر، ولكنها موجودة وتدور في رؤوس الكثيرين. فيقول مثلاً "كيف بدأ الإسلام ديناً يدعو إلى تحرير الإنسان من العبودية والخضوع لغير الله -عز وجل- إلى دين يوجب على أتباعه الخضوع للرؤساء والعلماء مهما انحرفوا وبدلوا؛ بدعوى طاعة ولي الأمر؟".
ويقول أيضاً "كيف ندعو شعوب العالم الحر الذي تساوى فيها الحاكم والمحكوم حيث الشعب يحاسب رؤساءه، وينتقدهم علانية ويعزلهم ويطرح الثقة بهم، ولا يستطيع الحاكم سجن أحد أو مصادرة حريته أو تعذيبه؛ إذ الحاكم وكيل عن المحكوم الذي يحق له عزله؛ إلى دين يدعو أتباعه اليوم إلى الخضوع للحاكم وعدم نقده علانية، وعدم التصدي لجوره، والصبر على ذلك مهما بلغ فساده وظلمه؛ إذ طاعته من طاعة الله ورسول؟! كما يحرم على هذه الشعوب الحرة أن تقيم الأحزاب السياسية أو تتداول السلطة فيما بينها لو دخلت الدين الجديد؟!!".
فيحاول الكاتب الإجابة على هذه الاسئلة وغيرها، ويحاول أن يبين أن الخطاب السياسي الشرعي السائد اليوم هو خطاب مبدل عن الخطاب الشرعي الحقيقي، من خلال ما يسوقه من أدلة وحجج وبراهين.
رأيي بالكتاب أنه كتاب جداً رائع، وحتى وإن كنت لا تتفق مع ما جاء فيه فإن قراءته بحد ذاته متعة وفائدة. عنوان الكتاب رائع ويمكن حمله على أكثر من وجه حسب ما فهمته بعد قرائتي للكتاب، فيمكن أن يكون أن ليس أمام الحكام سوى إعطاء الشعوب الحرية أو سيكون الطوفان الذي يقتلعهم -وقد حصل-، أو يمكن أن يكون أن ليس أمام الشعوب سوى الحرية أو سيكون طوفان الطغيان الذي يدمرهم !
فمن الأمور التي طرحها الكاتب، أنه كيف نأخذ بفتاوى العلماء السابقين -أمثال ابن حنبل وابن تيمية وغيرهم مع الإحتفاظ بمكانتهم وتقديرهم-، في عصر كانت فيه رايات الجهاد مرفوعة، والخلافة قائمة، والشريعة حاكمة، والعدل موجود؛ إلى زمن انعدم فيه كل ذلك؟ فتلك الفتاوى قد تكون صلحت لذلك الزمان ولكنها قطعاً لن تصلح لزماننا هذا.
الكتاب يحمل فكري سلفي مختلف عن السلفية السائدة اليوم، فكر -حسب رأيي- أقرب للنصوص وأبعد للفتاوى !
بعد قراءتي لهذا الكتاب، قررت قراءة كتاب الدكتور حمد العثمان الذي كتبه للرد عليه -على د.حاكم المطيري-، فقررت ذلك من باب الاطلاع على الرأي والرأي الآخر.
الغوغائية هي الطوفان - لـ د. حمد العثمان، صفحاته 324
لا أعرف كيف سأصف هذا الكتاب ولكني سأحاول الإنصاف.
أولاً، الأسلوب الذي انتهجه العثمان كأنه يرد على شخص سب الرسول أو كفر بما أنزل عليه! وليس أسلوب رد على شخص يختلف معه في الفكر والنظرية.
ثانياً، في أكثر من موضع بالكتاب، ينقم العثمان على العبيسان أنه اختلف مع عدد من كبار العلماء كالحسن البصري وأحمد بن حنبل وابن القيم رحمهم الله، وطبعاً لم يقل اختلف ولكنه قال "شكك". ثم ياتي العثمان ليختلف مع من هم خير وهم صحابة رسول الله وهم عبدالله بن مسعود والحسين بن علي وعبدالله بن الزبير رضوان الله عليهم وغيرهم! فكيف تنقم على الرجل اختلافه مع علماء ثم تختلف مع من هم خير من العلماء؟!
ثالثاً، حاول العثمان في أكثر من موضع نقض كلام العبيسان، فوجدت أنه يناقض نفسه أو يتكلم في شيء آخر لم يقصده العبيسان! فالعبيسان على سبيل المثال يتكلم عن التعدد في الأحزاب السياسية الفكرية، وهو يتكلم بحرمة التعدد في العقيدة فالحق واحد!
رابعاً، كثير من الأحيان أيضاً يورد العثمان آيات وأحاديث ليدلل على موضوع آخر لا علاقة له بهذه الآيات والأحاديث! هل هذه محاولة لليْ عنق النصوص أم عدم فهم؟
خامساً، امتدح العبيسان الثورة الإيرانية كثورة وكنظام سياسي جيد يتداول السلطة سلمياً، وامتدح الثورة الفرنسية كثورة ضد الطغيان وكان لها عظيم الأثر على البشرية. فيأتي العثمان ليهاجم ما قاله العبيسان بدعوى أنه يمتدح الرافضة وأنه مفتون بالغرب!
سادساً، الكتاب نصفه علامات تعجب "!!!"، لو حذفت لذهب نصف الكتاب !
سابعاً، حتى أكون منصف، ففي نقطتان أو ثلاث نجح العثمان في تبيان خطأ العبيسان.. ولكن كالعادة بأسلوب سيء.
بالنهاية، أتمنى أن تقرأوا كتاب الحرية أو الطوفان، فهو يستحق القراءة بجدارة لما به من فكر نيّر وبأسلوب سلس، ولا مانع بعدها أن تقرأوا الكتاب الآخر.. ولكن لا فائدة منه... من وجهة نظري !
6 comments:
كلام جميل
الكتاب رد حمد عثمان الكندري لا يرقى أن يكون رد علمي صادر من شخص دكتور في الشريعه
ترك الفكره العامه وذهب يتكلم في شخص الدكتور حاكم ويلوع جبدك بدفاعه عن ولي الأمر
بالنسبه للحريه او الطوفان ..كان ينقلك في مراحله الثلاث نقلات مؤلمه جدا .. بدايه تحسرا على ما فات .. انتصافا كيف ترى التحريف و التأويل لبعض الاحكام الشرعيه والمصيبه ان تكون من قبل العلماء و الفقهاء الذين ربما كانوا تحت ضغط الحكام .. الى ان نصل الى نهايه وهنا تتألم بشده .. حيث ترى النصوص القطيه بتحريم ماكان حقا وحلال ..
اول كلمه تتخاطر بذهني عند ذكر هذا الكتاب " يعووور " .. مؤلم جدا
الشيء الذي جذبني للكاتب اكثر وجعلني احرص على اقتناء وقراءه جميع كتبه وقراءة مقالاته .. هو فكره .. صعقتني الاسئله في بدايه الكتاب .. و اسلوبه وعقليته في الكتاب .. من بدايه الكتاب الى نهايته كنت اردد في داخلي "معقول هذا الشخص سلفي " فكره مختلف عن باقي السلفيه ..
اأما بالنسبه للكتاب الموجه للرد على الحريه او الطوفان ..
عفوا لكن هذا الكتاب "من ناحيه الطرح و الموضوعيه " لا يقارن بكتاب الدكتور حاكم . ماتميز و يتميز به الدكتور .. هو صراحته وقوه طرحه للفكره فلا يخاف من احد او جهه او اي شي .. كما هي حال الاقلام المأجوره هذه الايام .. فترى رأيه بصراحه وشفافيه تامه .. دون لف ودوران :)
سأتطرق الى نقطه جزئيه ذكرتها سيادتكم
الا وهي انتقاد العلماء و الفقهاء .. وكما بين الكاتب في كتابه .. ان هؤلاء ..عندما افتوا فتواهم .. ربما كانوا تحت ضغط الحكام .. و على الرغم من هذا نرى قله اقل من القليله .. من العلماء من تمسك برأيه ورأي السابقين ..
!!!
لا يوجد نص شرعي يحرم الخروج على الحاكم ومن لم يقرأ الكتاب لن يفهم هذا الكلام .. نحن نكن للعلماء كل الاحترام .. ننتقد فتواهم لا شخوصهم ..
أما الكاتب الاخر الذي انتقد شخص د.حاكم فهذا وللاسف بسبب ضعف حجته ..
اعتذر على الاطاله ... لكن هذا الكتاب أثار الشجن حقيقةً
فلتكن وجهتك القادمه تحرير الانسان للدكتور .. لاني اعلم انها ستكون وجهتي القادمه بعد الحريه او الطوفان .. وكما ان الوقت وقتها اعتقد ..
شكرا لك على هذا المقال
و قواااك الله
رائع :)
ابو فلان/
صدقت لا يرقى لان يكون رد علمي
فهو اقرب للشخصانية
بس تقول اسمه حمد عثمان الكندري!؟
وليش كاتب العثمان حضرته؟؟
حياك الله
مهندسة شيماء/
فعلا
بعد قراءة الكتاب عندما اتأمل حال الامة الاسلامية
اشعر بالحزن والاسى لما آلت اليه الامور
ولما اصبح عليه الدين ورجال الدين
شيء مؤسف ..
كتاب تجريد الانسان ناوي اقراه
لكن مو بالوقت الحالي :)
حياج الله
عين بغزي /
انا ولا الكتاب :)))
حياك الله
Post a Comment