الوضع السياسي الكويتي يعاني من مشكلة ولاشك، فهذا أمر لا يختلف عليه اثنان في هذا البلد، إذاً نقطة وسطر جديد.
إذا كانت هذه النقطة لا يختلف عليها اثنان، فلماذا هي آخذه في التفاقم بدل من أن تُحل؟ عندما يُجمع الكل على وجود المشكلة، ومع ذلك لا تُحل هذه المشكلة فهذا يعني أن الخلل عميق جداً يتعدى ظاهر الأمور.
هل المشكلة في وجود الشيخ ناصر المحمد برئاسة الوزراء؟ وجوده مشكلة ولاشك، ولكنه ليس السبب الرئيسي والأوحد في "المشكلة الكويتية".
إذاً يجب أن نذهب إلى أعمق من ذلك، وأن نحاول أن ننظر للأمور بـ"عين السمكة" المحدبة التي تنظر لأكبر جزء ممكن من المشهد. فهناك عوامل عديدة صنعت وتصنع هذه "المشكلة الكويتية"، منها صراعات وخلافات أفراد الأسرة الحاكمة التي طفت على السطح بشكل لا يخفى حتى على البعيد، ومنها منهج السلطة في التعامل مع مجلس الأمة، ومنها طريقة وتفكير وثقافة الشعب في اختيار نوابه، ومنها ولاشك الشيخ ناصر المحمد وطريقته السيئة في إدارة البلاد.
قبل عام تقريباً، حينما زار سمو الأمير الشيخ صباح ألمانيا، ومن خلال مقابلة له مع جريدة ألمانية قال أن الدستور هو سبب المشكلة في الكويت، وعلى الرغم من أن هذا الكلام في وقتها لم يعجبنا؛ إلا أن الواقع أثبت ويثبت أن هذا الكلام صحيح تماماً. فالمشكلة الكويتية عميقة جداً تصل إلى عمق الدستور الكويتي، وليس السبب أنه نظام هجين بين الرئاسي والبرلماني -وهذا بحد ذاته مشكلة-، ولكن المشكلة أنه زاد من صلاحيات وضمانات السلطة التنفيذية وجعل سلطات الشعب وصلاحياته أقرب ما تكون إلى الصورية، فبدون موافقة وتصديق سمو الأمير لا قوانين تصدر، ولا رئيس وزراء يُقال، ولا دستور يمكن تنقيحه، والشعب ممثل بنوابه لا يستطيع أن يعطي الحكومة الثقة قبل مباشرة مهامها ولا يستطيع طرح الثقة بها كاملة، فهذه من صلاحيات سمو الأمير فقط.
كل الساحة السياسية مشتعلة منذ سنوات بناصر المحمد، وأعتقد أنه أقل من أن تشتعل الساحة السياسية به، فما هو إلا واجهة ومُترجم ليس إلا، والأولى والأصح والأفضل أن ننشغل بالأساس الذي أتى بناصر المحمد وجعل من عزله أمراً مستحيلاً وأحيانا جريمة يُعاقَب عليها... إنه دستورنا يا سادة!
فهو الأساس الضارب في عمق المشكلة الكويتية، وهو السبب في كل المشاكل التي ذكرتها خلال المقال، ونستطيع أن نرى هذا بوضوح إذا ما حاولنا النظر بـ"عين السمكة" للمشكلة الكويتية بكل تجريد.
نقطة متعلقة بالموضوع: سيقفز من يقول أنتم من كنتم تقولون "إلا الدستور" واليوم تريدون تنقيحه؟ أقول له نعم، فهذان الأمران لا يتعارضان، فـ"إلا الدستور" يعني التمسك بجميع مواد الدستور ورفض انتهاكه، ومن ضمن مواد الدستور المادة 174 التي سمحت بتنقيحه ووضعت آلية معينة لتنقيحه يجب ألا نخرج عنها.
نقطة غير متعلقة بالموضوع: فشل الطبقة السياسية في "سياسة" البلد، يؤدي إلى أن يصبح المواطنون كلهم "ساسة" ليقوموا بما فشل به "الساسة" الحقيقيون... وهذا حالنا في الكويت!
No comments:
Post a Comment