اليوم بخرج من الإطار السياسي التقليدي النقدي للأحداث اليومية، وبأناقش قضية فكرية اسلامية ليس لها علاقة بالسياسة وليست محصورة على الكويت، بل على جميع البلدان العربية والاسلامية.
يتحدث الكثير عن تطبيق الشريعة، ويرددون الآية الكريمة التي تقول "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، والبعض يبلغ في تشدده إلى تكفير الحكام العرب -وإن كانوا يستحقون التكفير..معظمهم!- لأنهم لا يطبقون الشريعة، وبالتالي يرفض أن يخضع للقوانين لأن هذه القوانين وضعية كافرة والعياذ بالله !
وعندما تسأل أي من اولئك المتحمسين، وقد سألت فعلاً أكثر من شخص منهم، وتقول له: كيف السبيل إلى تطبيق الشريعة؟ يأتيك الجواب مباشرة بدون تفكير: نطبق حدود الله، فنقطع يد السارق ونرجم الزاني ونقتل القاتل، فقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لتطبيق حد من حدود الله خير من الدنيا وما فيها.. أو بما معناه.
ولكن هناك خلل جلل يقع فيه هؤلاء، ولعلهم لا ينتبهون له.
هل الشريعة مقصورة على الحدود؟ هل عندما نطبق الحدود نستطيع القول بأننا دولة تطبق الشريعة الاسلامية؟ هل هذا يعني بأننا نطبق معظم أحكام الشريعة ولم يبقى إلا الحدود فقط؟
الحدود جزء ولاشك من الشريعة، وتطبيق الشريعة لن يتم إلا بتطبيقها، ولكنها ليست الغاية وليست الهدف الأساسي والأوحد. الحدود كانت آخر ما نزل من الشريعة، فنزلت الحدود بعد ان اكتملت معظم أركان الشريعة التي سبقتها في النزول، وبالتالي لا يجب أن نضعها على رأس قائمة أولويات تطبيق الشريعة لو صح التعبير، بل في نهاية هذه القائمة. إذاً ماذا سيكون على رأس القائمة؟
الاسلام أول ما جاء جاء بـ لا إله إلا الله، والتي تعني تحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فهي تحرير الإنسان من العبودية، وتمام العبادة لله عز وجل هو تمام الحرية. فالاسلام جاء بالحرية.
الاسلام جاء بالعدل كذلك، والمساواة، ورفع الظلم، ومكارم الأخلاق. هذه أساسات الاسلام، أول ما جاء الاسلام جاء بها ولا يقوم الاسلام إلا بها.
كيف نطبق الشريعة في مجتمع ظالم؟ مجتمع يفتقر للعدل في نظامه وفي حكمه؟ كيف نطبق الشريعة في مجتمع لا مساواة ولا عدالة اجتماعية فيه؟
إن المطالبة بالحرية، والمطالبة بالعدل، والمطالبة برفع الظلم، والمطالبة بالمساواة بين الناس، هي من المطالبة بتطبيق الشريعة، وهي من أساسيات الشريعة، ولها أولوية على غيرها. وإن استطعنا أن نطبق هذه الأساسيات فلنعلم أننا غرسنا أساسات الشريعة في مجتمعاتنا، وبعدها سيكون تطبيق الشريعة أمراً سهلاً يسيراً ممكناً. وبعد ذلك نستطيع المطالبة بالحدود، والأمور الفرعية الأخرى في الشريعة.
ومن يريد أن يطّلع أكثر على هذا الموضوع، أنصحه بالاطلاع على كتاب "القرآن والسلطان" وكتاب "تزييف الوعي"، كلا الكتابين لـ فهمي هويدي.
2 comments:
مرحبا
يجب إعادة تفسير آيات القرآن
و يكون إعادة التفسير بعقول تمارس الحاضر و تحترم المستقبل
طبعا السلف المتطرف الغارق في الماضي لن يقبل
عامر/
مشكلة معظم علماء السلف
فكرهم جامد ولا يقبلون التطور
حياك الله
Post a Comment